سورة الزخرف - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


{فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (42) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43)}
(ما) في قوله: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ} بمنزلة لام القسم: في أنها إذا دخلت دخلت معها النون المؤكدة، والمعنى: فإن قبضناك قبل أن ننصرك عليهم ونشفي صدور المؤمنين منهم {فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ} أشد الانتقام في الآخرة، كقوله تعالى: {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [غافر: 77] وإن أردنا أن ننجز في حياتك ما وعدناهم من العذاب النازل بهم وهو يوم بدر، فهم تحت ملكتنا وقدرتنا لا يفوتوننا، وصفهم بشدة الشكيمة في الكفر والضلال ثم أتبعه شدة الوعيد بعذاب الدنيا والآخرة. وقرئ {نرينك} بالنون الخفيفة. وقرئ {بالذي أوحى إليك} على البناء للفاعل، وهو الله عز وجل والمعنى: وسواء عجلنا لك الظفر والغلبة أو أخرنا إلى اليوم الآخر. فكن مستمسكاً بما أوحينا إليك وبالعمل به فإنه الصراط المستقيم الذي لا يحيد عنه إلا ضالُ شقي، وزد كل يوم صلابة في المحاماة على دين الله، ولا يخرجك الضجر بأمرهم إلى شيء من اللين والرخاوة في أمرك، ولكن كما يفعل الثابت الذي لا ينشطه تعجيل ظفر، ولا يثبطه تأخيره.


{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)}
{وَإِنَّهُ} وإنّ الذي أوحى إليك {لِذِكْرِ} لشرف {لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} ل {سوف تسئلون} عنه يوم القيامة، وعن قيامكم بحقه، وعن تعظيمكم له، وشكركم على أن رزقتموه وخصصتم به من بين العالمين، ليس المراد بسؤال الرسل حقيقة السؤال لإحالته، ولكنه مجاز عن النظر في أديانهم والفحص عن مللهم، هل جاءت عبادة الأوثان قط في ملة من ملل الأنبياء؟ وكفاه نظراً وفحصاً: نظره في كتاب الله المعجز المصدّق لما بين يديه، وإخبار الله فيه بأنهم يعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطاناً. وهذه الآية في نفسها كافية لا حاجة إلى غيرها، والسؤال الواقع مجازاً عن النظر، حيث لا يصح السؤال على الحقيقة: كثير منه مساءلة الشعراء الديار والرسوم والأطلال. وقول من قال: سل الأرض من شق أنهارك وغرس أشجارك وجني ثمارك؟ فإنها إن لم تجبك حواراً أجابتك اعتباراً. وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم جمع له الأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس فأمّهم.
وقيل له: سلهم، فلم يشكك ولم يسأل. وقيل: معناه سل أمم من أرسلنا وهم أهل الكتابين: التوراة والإنجيل.
وعن الفراء: إنما هم يخبرونه عن كتب الرسل، فإذا سألهم فكأنه سأل الأنبياء.


{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآَيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (47)}
ما أجابوه به عند قوله: {إِنّى رَسُولُ رَبِّ العالمين} محذوف، دل عليه قوله: {فَلَمَّا جَآءَهُم بئاياتنا} وهو مطالبتهم إياه بإحضار البينة على دعواه وإبراز الآية {إِذَا هُم مِنْهَا يَضْحَكُونَ} أي يسخرون منها ويهزءون بها ويسمونها سحراً. وإذا للمفاجأة.
فإن قلت: كيف جاز أن يجاب لَمّا بإذا المفاجأة؟ قلت: لأنّ فعل المفاجأة معها مقدّر، وهو عامل النصب في محلها، كأنه قيل: فلما جاءهم بآياتنا فاجئوا وقت ضحكهم.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10